فرع المنتدى المدني الديموقراطي المغربي بجهة الشمال يتدارس موضوع النموذج التنموي الجديد

نظم كل من فرع طنجة العرائش  القصر الكبير سلا والرباط، لقاءا جهويا تدارس موضوع النموذج التنموي الجديد بالمغرب يوم ب  15 يوليوز 2020

 

تقديم  :

إن النموذج التنموي الحالي بلغ حدوده، ومن ثمة فضرورة مراجعته أضحى مطلبا ملحا من أجل صياغة نموذج جديد، والذي لا يمكن أن يتأتى دون انخراطا للمواطنين  » بشكل يحفظ كرامتهم أكثر ويمكنهم من استعادة الثقة وتحرير الكفاءات خاصة في صفوف الشباب والنساء من أجل اندماج أفضل داخل المجتمع أن “التعاقد الاجتماعي الجديد أصبح ضرورة ملحة من أجل ضمان فعلية الحقوق التي جاء بها دستور 2011، بعد أن عجزت السياسات العمومية المطبقة اليوم عن تحقيق هذه الحقوق لكافة المواطنات والمواطنين؛ كالحق في الشغل، والسكن اللائق والتعليم الجيد، والحق في الصحة، والحق في التوفر على بيئة سليمة، والتوفر على الماء، الخ

 

 

وفي هذا الاطار يعتبر المجتمع المدني جزءا مهما وفاعلا في الدينامية التنموية لإنجاح النموذج التنموي الجديد،

ولا نغفل عن مسألة كونه في السابق ظلت مساهمة كل من الجمعيات والفاعلين المدنيين في التنمية ضئيلة ومحدودة جدا رغم الحركية الدالة للمجتمع المدني”.

لذا أعتقد أنه لا ينبغي النظر إلى المجتمع المدني والترحيب به فقط كلما كان تابعا أ وحبيس بعض أدوار المعوضة لفراغات الدولة وغيابها في العديد من المناطق وفي العديد من المجالات، وخاصة إذا تعلق الأمر بالصحة والتعليم والتأطير الطفولي والتكوين الشبابي وإدماج المرأة والتشغيل الاجتماعي في العالم القروي وعالم الأرياف؟؟ فالمجتمع مدني بدون أدواره النقدية والترافعية والتشاركية والتنموية الحقيقية، ولا يمكن أن نمكنه من ذلك دون أخذ مذكراته وملتمساته وعرائضه بعين الاعتبار وإدماج الوجيه منها في السياسات العمومية

ونحن كأعضاء المنتدى المدني الديموقراطي المغربي ممثلين عن فرع طنجة العرائش القصر الكبير سلا والرباط

وضعنا مجموعة من الاقتراحات والتصورات التي  تستشرف الحاضر والمستقبل من أجل صياغة نموذج تنموي جديد `

المداخلة الأولى تقدمت بها السيدة هند السيوري ممثلة فرع الرباط  حول الاصلاحات السياسية والمؤسساتية من أجل نموذج تنموي :

 

وأكدت من خلالها على أن التفكير حول وضعية السياسية المغربية تشكل ركنا أساسيا و ضروريا لأي محاولة استشراف للمستقبل. فلا صعود اقتصادي متوازن ولا تقدم اجتماعي تضامني، ما لم يتواصل الإصلاح السياسي والمؤسساتي و ما لم  تتم مغادرة المنطقة الرمادية التي تستنزف رصيد المكتسبات.

ان تشخيص الوضعية السياسية للمغرب ينطلق من خلاصة مفادها أن البلد يعيش أزمة سياسية –كجزء من الازمة العامة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية – تتجلى أساسا في مركزة السلطة و احتكارها و جعلها مدخلا لبناء النفود و الريع و بالتضييق على الحريات و الانتكاسة الديمقراطية، و استمرار المنطق السلطوي في تدبير الشأن العام. فرغم أن النظام السياسي المغربي يوحي بوجود لحظات إصلاحية ذات طبيعة انتقالية، لكن النتيجة تكون دائما انتصارا للاستمرارية و ضياعا للفرصة الاصلاحية و تجديدا للقواعد التقليدية .

لوضع حد لهاته الحالة الهجينة التي تستنزف رصيد المكتسبات و الخروج من حالة الارتباك والانتظار القاتل، تفترض المرحلة المقبلة   بناء نسق système سياسي واقتصادي واجتماعي ملائم يسمح بتطور اقتصادي واضح، وباستفادة مختلف الفئات الاجتماعية والقطاعات الاقتصادية والمجالات الترابية بشكل منصف من ثمار التنمية ومن القيمة المضافة التي تنتجها الدولة.  وصياغة النموذج التنموي لكل بلد لا تتم بشكل تقليدي عبر مخططات جاهزة يتم إعدادها من قبل مكاتب الدراسات والخبرة، وإنما بشكل تراكمي عبر ترسيخ البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإدماج السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخيارات التنموية المعتمدة ضمن هذه المنظومة، مع مراجعتها وتحيينها وضمان التقائيتها وانسجامها واستدامتها. و بالتالي لابد من مقاربة شمولية مندمجة وتشاركية، تستحضر كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والترابية والحكامة، في تصور متكامل يساهم فيه الجميع، كل من موقعه ومسؤوليته.

 

المداخلة الثانية تقدم بها السيد كريم أبراغ  ممثل عن فرع طنجة مسؤول عن قسم التكوين المستمر بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة

تحدث حول تموقع قطاع الصحة في الوضعية التي نعيشها في سياق جائحة كورونا  وأكد أن هذه الأزمة الصحية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي  تشكل فرصة للتـأمل من طرف جل الفاعلين لإعادة ترتيب الأولويات في مجال بناء صرح التنمية، وستؤثر على بلورة نموذج تنموي جديد،

إن أزمة فيروس كورونا  كما جاء على لسانه هي نقمة ونعمة في نفس الوقت ، نقمة طبعا لأنها حصدت الكثير من الأرواح عبر العالم ولم يتم إيجاد أي لقاح لها لحد الآن ، ونعمة لأنه عرت على مجموعة من الاختلالات التي تعاني منها المنظومة الصحية بالمغرب خاصة النقص الحاد في الموارد البشرية ، لذا فمن أجل إنجاح المشروع التنموي الجديد يجب إعادة ترتيب الأولويات من أجل تلبية احتياجات المجتمع المغربي عبر خلق منظومة صحية قوية ، وتطويرها مستقبلا وإدماجها في السياسات العمومية ،من جهة أخرى يجب تجاوز الاختلالات الحاصلة على مستوى طريقة التسيير داخل المنظومة الصحية ، لذا يجب التركيز على إصلاح قطاع الصحة عبر تعيين أشخاص أكفاء من أجل تسيير أفضل وكذا القيام بإصلاح شمولي للمنظومة الصحية والعمل بما تدعو له منظمة الصحة العالمية بجعل نسبة 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام توجه لقطاع الصحة .

في نفس السياق أكد الدكتور حسن ساعف ممثل فرع القصر الكبير في المداخلة الثالثة حول صحة الأم والطفل بالعالم القروي باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية البشرية على ضرورة الاهتمام بالمؤشرات المتعلقة بصحة المرأة والطفل خاصة بالعالم القروي .

 

بالنسبة لقطاع البيئة باعتباره مدخل أساسي للنموذج التنموي الجديد ، قدمت السيدة سعاد باهي ممثلة عن فرع طنجة ،وكذلك عضوة في الهيئة الاستشارية للمجتمع المدني بجهة طنجة تطوان الحسيمة رئيسة لجنة البيئة ، مداخلة ركزت فيها على التدهور الذي عرفه الوضع البيئي بأغلب المجالات الترابية، وخاصة الحضرية منها، وأضحت المصادر الطبيعية في هشاشة نتيجة التطور الاقتصادي والتكنولوجي والتقدم الاجتماعي والتوسع العمراني ، واقترحت على الفاعلين الترابيين إدماج الانشغالات البيئية التي تعرفها المجالات الحضرية ضمن البرامج التنموية، بالتركيز من جهة على عمليات تحسيس وتوعية الساكنة ومختلف المعنيين، بأهمية العنصر البيئي كمكون للمجال الحضري والمحافظة عليه، واتخاذ مجموعة من التدابير لحل إشكالية البيئية من قبيل:

  • إنشاء المطارح الذكية للنفايات، وخلق مراكز لمعالجتها وإعادة تدويرها
  • مراقبة الجودة البيولوجية لمياه الوديان والأنهار.
  • فرض إلزامية معالجة النفايات الخطيرة على المؤسسات سواء الصناعية أو الصحية
  • تثمين استعمالات الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية

واعتبر برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن سنة 2020سنة حرجة بالنسبة لمسألتي التغير المناخي والتنوع البيولوجي. فالطبيعة اليوم في أزمة، ونحن نخسر الأنواع البيولوجية بمعدل أكثر من 1000 مرة من أي وقت آخر في التاريخ البشري المسجل. كما أن الاستغلال  المفرط للموارد الطبيعية والصيد الجائر يهددان الطبيعة على الأرض وتحت الماء ويعتبران من أهم الأسباب المؤدية إلى فقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأوساط الطبيعية.

وأشارت إلى أن أهم عنصر يتعرض للضرر في ظل هذه الظروف هو الماء الذي يعتبر مصدرا للتنمية والأمن الغذائي و الاجتماعي و الصحي وجب التأكيد على مجموعة من التوصيات التي يمكن إجمالها فيما يلي:

  • العمل على توفير وتوزيع شبكة الماء في العالم القروي.
  • العمل على ترشيد استهلاك الماء في المعامل والشركات.
  • تفادي الزراعات المستهلكة للماء بكثرة.
  • التزام المصانع والمستشفيات بضرورة معالجة المياه العادمة والنفايات
  • تجميع مياه الأمطار وإعادة استعمالها.
  • الاستعداد لندرة الماء السنوات القادمة

ولذلك لا بد من تضافر الجهود لتحسين مستوى البيئة وتثمينها والمحافظة على ما توفره من امتيازات داخل النطاق الترابي، وذلك بترشيد استعمال الموارد الطبيعية والتراثية من أجل إعادة التوازن للوضع البيئي الذي عرف تدهورا ملحوظا في السنوات الأخيرة ويظهر دلك جليا في التغيرات المناخية التي تعرفها الجهة تتجلى في انخفاض نسبة التساقطات المطرية وارتفاع درجة الحرارة.

ختاما أكدت على أنه  يجب اعتماد استراتيجية التنمية المستدامة في المشروع التنموي الجديد.

المداخلة الأخيرة تقدم بها السيد ابراهيم الشافعي ممثل عن فرع طنجة دكتور في القانون العام حول موضوع دور البناء المشترك في إعداد نموذج تنموي، و أشار من خلالها إلى كون البناء المشترك، يشكل باعتباره مستوى متقدم للمقاربة التشاركية بشكل مزدهر يطغى عليه طابع الانسجام والتلاقي بين جميع الفاعلين والمتدخلين، في جميع مراحل صناعة النموذج بداية بالتشاور والاقتراح الى اتخاذ القرارات وتنفيذها وتقييمها.

والانطلاق من ذاتية الفاعلين الى ما هو اعم واشمل الى ذاتية القطاع وخصوصيته وبالتالي الى ذاتية المنظومة تم التأثير المنظوماتي ليكون نظام ايكولوجي عام وشامل على كل المنظومات المكونة لبلادنا.

ان البناء المشترك هو الايمان بأن لكل فرد مكانه داخل الوطن له من الأهمية والتأثير ما يتساوى والجميع على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية بدور فعال في بلورة وبناء مشترك لبرنامج ما او نموذج معين بتوافق وانسجام تام وشامل.

يأخذ الامر قوته من إحساس المواطن بالانتماء عن طريق مشاركته والانصات اليه والاخذ برايه ما ينتج تنمية وتقوية قدراته وهو المستهدف الأساسي ورفع حس الانتماء والرغبة في العطاء وتحقيق تنمية مستدامة منطلقة منه.

بالإضافة الى حس الذات الجماعي الذي تمظهر بقوة في ظل الجائحة من خلال تغير اللغة (المصطلحات المستعملة) والعلاقة (بين المواطن والمؤسسات وبين المواطن والمواطن) والثقة في التدابير التي اتخذتها الدولة على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، هذه الثقة حسنت العلاقة وغيرت الرأي وحولت المواقف والنظرة وكانت عوامل في تسريع وثيرة تمظهر لمنظومة ايكولوجية للمجتمع.

ابراز أنسنه المجتمع انطلاقا من ذاته ان عودة المجتمع لذاته ساهم في ابراز وعي المجتمع بإنسانيته وتوفير الظرف لتنمية شاملة ومتناغمة بين مكونات المجتمع في ضل بناء مشترك يعتمد على العلاقة والثقة والمحبة والرحمة.

 

 

 

 

 

في ختام اللقاء تم فتح باب للنقاش والاراء بين جميع الأعضاء حول مشروع النموذج التنموي   وتم طرح مجموعة من الاسئلة من قبيل :

–          نتحدث عن نمودج نموي جديد ما هو الجديد فيه ؟

–          هل هو استمرارية للسياسات العمومية المتبعة في السابق أو هو ترقيع لما كان في السابق ؟

–          القطاعات التي تم التطرق لها هل المشروع الجديد هل نبحث عن سياسات عمومية أم استراتيجية معينة تنموية جديدية طويلة المدى؟

–          هل التنمية قابلة للنمدجة ؟

 

وفي الختام قدم السيد أحمد المخزن نيابة عن الرئيس عبد الله ساعف كلمة شكر لجميع الاعضاء .

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply